MrJazsohanisharma

الحكم الشرعي واركانه

إعلان أدسنس أول الموضوع

الحكم

اصول الفقه الحنفي


يقتضي كل حكم من الأحكام الشرعية حاكما يصدر منه الحكم ومحكوما به يتعلق به هذا الحكم ومحكوما عليه يقع عليه التكليف بهذا الحكم وهذه هي اركان الحكم الشرعي

ولهذا يبدو واضحا ان معرفة الحكم الشرعي تقتضي معرفة كل ركن من الأركان الثلاثة وهي الحاكم والمحكوم به والمحكوم عليه قبل الشروع في معرفة الحكم

 وإليك تفصيل ذلك فيما يأتي 


اولا الحاكم

 اتفقت كلمة العلماء على أن الحاكم هو الله سبحانه وتعالى لأنه مصدر جميع الأحكام الشرعية التي ورد بها نص من الكتاب والسنة والتي لم يرد فيها نص واجمع عليها فقهاء المسلمين في أي عصر من العصور التي اهتدى إليها المجتهدون باجتهادهم بواسطة ما وصفه الشارع من دلائل وإمارات توصل إلى التعرف على أحكام الشرع وأيدوا قولهم

 بقوله تعالى ( إن الحكم إلا لله )

فنقول وبالله التوفيق يطلق كل من الحسن والقبيح باطلاقات ثلاثة 


الاطلاق الاول 

الحسن ما لاءم الطبع ووافقهم كقولنا انقاذ الغرقى وشكر المنعم حسن والقبيح ما يخالف الطبع ونافره فقلنا إزهاق النفس واتهام البريء والكفر بالمنعم قبيح


الإطلاق الثاني

 الحسن صفة كمال يستحق فاعله المدح من العباد في الدنيا وقولنا العلم حسن والكبح صفة نقص يستحق فاعله الذم في الدنيا كقولنا الجهل قبيح والحسن والقبيح بهذين الإطلاق لا خلاف بين العلماء في كونهما عقليين أي العقل يستقل بإدراك ما فيهما من حسن وقبيح من غير توقف على الشرع


الإطلاق الثالث

الحسن ما يستحق فاعله المدح من الله في الدنيا والثواب في الآخرة كحسن الطاعة والصدق والقبيح ما يستحق فاعله الذم من الله في الدنيا والعقاب في الآخرة كقبح المعاصي والكذب والحسن والقبيح بهذا الإطلاق هو محل الخلاف بين العلماء وينحصر في ثلاثة آراء


الراي الاول

للأشاعرة يرى الأشاعرة أن الحسن والقبح شرعيان لا عقليان فالحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع أما العقل فإنه لا يمكنه إدراك ما في الافعال من حسن او قبيح لأنه لا يمكنه إدراك حكم الله تعالى في أعمال المكلفين إلا بواسطة الرسل والكتب السماوية فالعقول تختلف اختلافا بينا في الحكم على الأفعال فبعضها قد يستحسن فعلا بينما يستقبح عقل اخر بل ان العقل الواحد قد يختلف في الحكم على فعل واحد من وقت لآخر وذلك لتأثيره الهوى والغرض وعليه فان كل من لم تبلغهم دعوة الرسل وشرائع الله فهم غير مكلفين من الله تعالى بشيء ولا يستحقون ثوابا ولا عقابا في الآخرة


الرأي الثاني

المعتزلة يرى المعتزلة أن الحسن والقبيح عقليان لا شرعيان بمعنى انهما ثابتان قبل الشرع وجاء الشرع مؤكدا للأحكام التي أدركها العقل ومبينا للأحكام التي لم يدركها فما راه العقل حسنا كان عند الله حسن ومطلوب له سبحانه وتعالى وإن فعله المكلف استحق عليه الثواب من الله وما راه العقل قبيحا كان منهيا عنه من الله تعالى فإن فعله المكلف استحق العقاب من الله سبحانه

وعليه فإن من لم تبلغهم دعوة الرسل والشرائع فهم مكلفون من الله تعالى على فعل ما يراه عقلهم حسنا و يثابون من الله تعالى على فعله وهم ايضا مكلفون بترك ما يراه العقل أنه قبيح ويعاقبون من الله على فعله


 الرأي الثالث

للحنفية والمدريديه وهؤلاء جاء مذهبهم وسطا بين مذهب الأشاعرة الذين عطلوا حكم العقل وبين مذهب المعتزلة الذين جعلوا العقل حاكما فوافقوا المعتزلة في أن العقل يمكنه أن يستقل بإدراك ما في الافعال من حسن وقبيح حتى قبل ورود الشرع إلى أنهم خالفوا في ترتب حكم الشرع على حكم العقل لأن العقول مهما نضجت قد تخطئ لأن بعض الأفعال مما تشتبه على العقول

ثم خالف المتاخرون منهم المتقدمون فيما وراء ذلك كما يلي


1 ما رآه متأخر الماتريدية والحنفية

يرى متاخر الماتريدية والحنفية أنه لا ارتباط ولا تلازم بين حكم العقل في التحسين والتطبيع وحكم الشرع فيهما مطلقا يستوي في ذلك مسائل الأصول ومسائل الفروع وعليه فإنهم يوافقون الأشاعرة في ان الحكم لا يكون إلا للشرع ولا يترتب على حكم العقل ولذلك فإن من لم تصلهم دعوة الرسل والشرائع ناجين من العقاب


2 ما يراه متقدموا الماتريدية والحنفية

أما متقدموا الماتريدية والحنفية فانهم يرون ان وجوب الإيمان وحرمة الكفر وكل ما يتعلق بالعقائد يتطابق فيه حكم الشرع العقل لا محال ويثاب المرء على فعل الحسن منه وترك القبيح ولو لم يكن هناك رسول ولا كتاب ولهذا يقول الإمام أبو حنيفة لا عذر لاحد في الجهل بخالقه لما يرى من الدلائل على ثبوت الوحدانية 


وهم بذلك يوافقون المعتزلة في هذا القسم وان خالفوهم في مطابقة أحكام الشرع لاحكام العقل في سائر الفروع العملية وعليه فإن من لم تصلهم دعوة الرسل والشرائع محاسبون في العقائد غير محاسبين على أحكام المسائل الفرعية


ثانيا المحكوم فيه.


أولا تعريفه

المحكوم فيه هو الفعل الذي يتعلق به خطاب الشارع كالصلاة والزكاة والبيع والقتل والزنا


ثانيا شروطه

يشترط في المحكوم فيه عدة شروط هي


1 أن يكون المحكوم فيه موجودا ومحققا بحيث يدرك حسا وعقلا لأن خطاب الشارع لا يتعلق بما ليس له وجود


 2 أن يتعلق به حكم شرعي سواء كان حكما تكليفيا ام حكما وضعيا لان المحكوم فيه يختلف باختلاف نوع الحكم فإن كان الحكم تكليفيا فإن المحكوم فيه هو فعل المكلف دائما كالصلاة فإنها فعل المكلف تتعلق  بها الايجاب و كالقتل العمد فإنه فعل المكلف تعلق به التحريم وكاكل الطيبات من الرزق فإنه فعل المكلف تعلق به الاباحه


 وإن كان الحكم وضعيا فإن المحكوم فيه قد يكون فعلا للمكلف كالطهارة حيث إنها فعل المكلف وقد وضعها الشارع وجعلها شرطا للصلاه وزنا فانها فعل المكلف وقد جعلها الشارع سببا لوجوب الحد والقتل فانه فعل المكلف وقد جعله الشارع مانعا من الميراث


 وقد لا يكون فعلا للمكلف كدلوك الشمس فقد جعل الشارع سببا لوجوب الصلاة والبلوغ فقد جعله الشارع شرطا للتكليف والحيض والنفاس فقد جعلهما الشارع مانعيني من صحة العباد


 3 أن يكون المحكوم فيه معلوما للمكلف علما تاما لان المقصود من التكليف اداء المكلف الفعل الذي كلف به على الوجه المطلوب منه ولا يتحقق ذلك الا بالعلم التام بالفعل الذي كلف بهم ولهذا فلا تكليف النصوص المجملة إلا بعد البيان ولذا فإنه حينما نزل

 قوله تعالى ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) وقوله ( ولله على الناس حج البيت ) 

فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بين ذلك حيث صلى وقال صلوا كما رأيتموني أصلي 

وحج وقال خذوا عني مناسككم

 وقال في الزكاة ليس فيما دون خمسه أواق من الورق صدقه وليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وكتب ومقادير الزكوات كتابا لعمربن حزم


 4 أن يكون معلوما للمكلف أن التكليف صادر مما له سلطة التكليف لكي يتمثل ويطيع


 5 أن يكون الفعل المكلف به في قدرته ويستطيع القيام به اما اذا كان من الأفعال التي لا قدرة له عليها فلا يصح التكليف بها شرعا 

لقوله تعالى ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها ) 

ولان الغرض من التكليف الطاعة والامتثال فإن كان الفعل المكلف به خارجا عن قدرة المكلف تعذر عليه الطاعة والامتثال فيكون التكليف به عبثا والشارع منزه عن العبث


ثالثا أقسام المحكوم فيه


1 أقسام المحكوم في باعتبار ذاته 


ينقسم المحكوم في بهذا الاعتبار الى قسمين 


 1 ما له وجود حسي فقط

 2  ما له وجود شرعي مع الوجود الحسي


والمراد بالوجود الحسي : ما كان مدركا بالحس كالزنا والاكل وما كان مدركا بالعقل تصديق القلب والنيه في العبادات وحينئذ فيكون إطلاق للوجود الحسي على ما يدرك بالعقل من باب التغليب 


والمراد بالوجوب الشرعي : ان يعتبر الشارع في الفعل أركانه وشرائط يحصل من اجتماعهما مجموع مسمى باسم خاص يوجد الفعل بوجودها وينتفي بانتفاء وذلك كما في الصلاة والبيع فإن الشارع اعتبر فيهما اركانا وشرائط يوجدان بوجودها وينتفيان بانتفائها 

وكل من هذين القسمين ما له وجود حسي وما له وجود شرعي مع الوجود الحسي 


 1 إما أن يكون سببا لحكم شرعي آخر 

 2 أو لا يكون سببا لحكم شرعي آخر


الحاصل ان الاقسام اربعة


1 ما له وجود حسي وتعلق به حكم شرعي وهو سبب لحكم شرعي آخر ومثاله الزنا فالزاني له وجود حسي وتعلق به حكم شرعي وهو الحرمة وهو سبب لحكم شرعي آخر وهو وجوب الحد فإن الشارع جعل ذلك الفعل على التعيين سببا لوجود الحد


2 ما له وجود حسي وتعلق به حكم شرعي وليس سببا لحكم شرعي آخر ومثاله الاكل والاكل له وجود حسي وتعلق به حكم شرعي لان الاكل يكون واجب او حراما او مباحا وليس سببا لحكم شرعي آخر في الشارع لم يجعله على التعيين سبب لبطلان الصوم مثلا وإنما جعل الإمساك من أركان الصوم ويلزم من انتفائه بطلان الصوم


3 له وجود شرعي مع الوجود الحسي وتعلق به حكم شرعي وهو سببا لحكم شرعي آخر ومثال البيع

فالبيع له وجود حسي  وله مع الوجود الحسي وجود شرعي فإن الشارع اعتبر فيها اركانا وشرائط يوجد بوجودهما وينتفي بنتفائها وتعلق به حكم شرعي هو الإباحة وهو سببا لحكم شرعي آخر هو الملك


4 ما له وجود شارع مع الوجود الحسي وتعلق به حكم شرعي وليس سبب لحكم شرعي آخر ومثال الصلاة

الصلاة لها وجود حسي ولها مع الوجود الحسي وجود شرعي فإن الشارع اعتبر فيها اركانا وشرائط توجد بوجودها وتنتفي بانتفائها وتعلق به حكم شرعي هو الوجوب وليس سببا لحكم شرعي آخر


2 تقسيم المحكوم به باعتبار الصحة والفساد والبطلان


والمحكوم به ينقسم بهذا الاعتبار الى الصحيح والفاسد والباطل 

وضابط هذا أن الفعل الذي تعلق به خطاب الشارع إن وجد مستوفية لجميع الأركان وشرائطه مع الأوصاف الغير ذاتية التي اعتبر الشارع في ذلك الفعل فهو الصحيح بالاصل والوصف وهو المراد بصحيح عند الإطلاق 

وذلك كما في بيع متجانسين الذهب بالذهب مثلا بمثل فإن الشارع اعتبر المماثلة التي هي وصف زائد في بيع الجنس بالجنس وان وجد الفعل مستوفيا لاركانه وشرائطه ولم توجد الاوصاف الغير ذاتية التي اعتبرها الشارع فيه فهو الفاسد 

وكذلك كما في بيع المتجانسين مع الزيادة في أحدهما كبيع الدرهم بالدرهمين فإن الدراهم من حيث الذات قابلة للبيع والفساد جاء من عدم الوصف الذي اعتبره الشارع وهو المماثلة في بيع الجنس بالجنس وان وجد البيع غير مستوف لأركانه وشروطه فهو الباطل 

وذلك كما في بيع الملاقيح لانتفاء الركن وكما في النكاح بلا شهود لانتفاء الشرط 

وكثيرا ما يطلق لفظ الفاسد على الباطل والباطل على الفاسد في كتب الفقه فقد قالوا بيع أم الولد والمدبر والمكاتب فاسد اي باطل وأطلقوا على البيع بالميته والدم طارت لفظ الباطل واخرى لفظ الفاسد وعند الشافعي الفاسد والباطل لفظان مترادفان يطلقان على ما ليس بصحيح وهو اصطلاح مجرد ولا مشاحة في الاصطلاح واذا فلسنا بحاجة الى إقامة الدليل على اتحادهما ولا على اختلافهما

 تقسيم المحكوم به باعتبار حقوق الله وحقوق العباد سوف نتحدث عنهم في المرة القادمة ان شاء الله

[LEFT]

الإعـــــلانات

إرسال تعليق

أحدث أقدم